اسباب الفلاح في القرآن الكريم

أسباب الفلاح في القرآن الكريم

إن القرآن الكريم مثلما ذكر بألفاظ صريحة أسباب الفلاح، كما ذكرت في مقالات سابقة والتي بينت فيها بأن سبل النهضة للمجتمعات الإنسانية تكون في الإيمان العميق بالله تعالى، والتفكر في آلائه، والدعوة إلى سبل الخير فمثلما ذكر القرآن ذلك، ذكر أيضا العلل التي تعيق الأمم والمجتمعات من التقدم الحضاري إذا لم تتنبه تلك الأمم إليها وتحاصرها .
ومن تلك العلل التي حذر القرآن منها وبين أنها تعيق فلاح الأمم السحر والشعوذة والخرافة فلقد جاء في الخطاب القرآني بأن الله عز و جل كلف نبيه موسى بأن يواجه السحرة؛ لأن السحر يمثل داء أمميا فطلب من موسى عليه السلام أن يواجهه بمعجزة العصا ليبين بطلانه ويحذر العقول من آثاره قال تعالى:وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى(سورة طه:69)
فالخطاب القرآني بين الآثار السلبية للسحر والسحرة والتي تظهر في عدة أمور منها: أولا: ان السحر ثقافة وصناعة تقوم على الوهم والخيال وذلك لأن أصحابها يسعون جاهدين لإقناع الآخرين بصحة أوهامهم مما يفسر لنا أسرار انتشار الخرافة بين الناس وذلك بسبب تأثير السحرة على عقول بعض الناس، فيجعلونهم يقعون تحت تأثيرهم وخداعهم البصري والسمعي والكلامي، مما يجعل من السحر وسيلة للكسب غير المشروع وأكل أموال الناس بالباطل.
و في المجتمع من القصص الواقعية التي استغل فيها السحرة بساطة التفكير لدى بعض الناس فأدخلوا إليهم الوهم والخيال الباطل فاستباحوا أكل أموال الناس بالباطل ثانيا :تحلل لنا الآية القرآنية شخصية الساحر فهو إنسان خلا قلبه من الرحمة، فلا يشغله سوى الكيد للناس وضرب بعضهم ببعض، ومن حيلهم في هذا المجال أنهم يصورون لمن يقع في حبالهم بأنه مسحور من جهة أقاربه وجيرانه وأصدقائه مما يتسبب في القطيعة بين الناس وارتياب بعضهم في بعض.
ثالثا : يقرر القرآن بأن طريق السحر تنتهي بالفشل وهذا ما تقرره العبارة القرآنية الخالدة( ولا يفلح الساحر حيث أتى) فالسحر والشعوذة من معوقات الفلاح فالأمم التي تبحث عن الفلاح تجده في البحث العلمي والمنهج الاستقرائي الذي يشخص المشكلات ليقف على الأسباب والمسببات ليصل إلى الحقائق فيتعرف عليها ويتعامل معها ومن هنا فقد حذر النبي صلوات الله وسلامه عليه من ثقافة السحر والوهم والخرافة فقال صلى الله عليه وسلم من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (رواه مسلم) والعراف هو الذي يدعي معرفة وجود الشيء المسروق أو المفقود فمن جاءه فلا ثواب له على صلاته عقابا له؛ لأنه ترك المنهج العلمي للمعرفة واعتقد بالسحر والأوهام .
وعلاج السحر يكون بالإيمان بالله وتغذية العقول بالمعارف العقلية وتخلق النفوس بالأخلاق المحمدية .