فضل العلماء وفضيلة العلم

إن العلم فضيلة وللعلماء فضل... فهم ورثة الأنبياء، وحملة الرسالة، وهم من ينير الدروب المعتمة ويفتح العيون المغلقة وهم من يضيء البصائر العمياء ويفتح الأفاق الدهماء، إن للعلماء خيرية على من سواهم وقد رفعهم الله درجات وأعطاهم من الميزات ما لم يعط لأحد سوى الأنبياء، العلم فضيلة وشرف عظيم ليس كمثله شرف ولا فضل، لكن ينبغي أن يكون العلم سببا يقرب العالم إلى ربه وسبب لتواضعه أمام عباد الله وليس سببا للتكبر ولا وسيلة للتجبر بل هو أداة التفكر وطريق التدبر انه الطريق إلى معرفة الله حق المعرفة لان العلم يفتح الأفاق للعمل الصالح فقد قيل :«من عبد الله بغير علم فكأنما عصاه» فلا عمل دون علم، حيث يقول تعالى: (( أفمن يعلم أنَّما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى» ( الرعد:19) وقد أمر الله تعالى بطلب العلم والاستزادة منه فلا حد ولا وقت لطلب العلم فهو محمود في كل وقت وحين وكل زمان ومكان، فلا ينبغي للمرء أن يكف عن طلب العلم حتى آخر لحظة في حياته، قدوته في ذلك السلف الصالح عليهم رضوان الله فهاهو الإمام احمد يطلب العلم بعد أن كان اعلم أهل المدينه ويقول : إنها من المحبرة إلى المقبرة » ومن قال علمت فقد جهل، قال الله تعالى : «وقل رب زدني علمًا » (طه: 114) ، قال القرطبي : فلو كان شيء أشرف من العلم لأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله المزيد منه كما أمر أن يستزيده من العلم.
بل وصل الأمر في شريعتنا العظيمة أنها بغضت وحرمت ومنعت الحسد إلا في طلب العلم ولم يجعل الله التحاسد إلا في أمرين: بذل المال، وبذل العلم، وكذلك عن عبد الله بن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم :«لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها » ( متفق عليه).
وللعلماء فضل عظيم عند الله حيث قال الله تعالى: (( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائمًا بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم)) ( آل عمران : 18) ولولا فضل العلماء وأهميتهم عند الله لما استشهد الله بهم على أعظم مشهود، وهو توحيده جل وعلا .
وكذلك طالب العلم له مقام عظيم عند الله لأنه يقوم بخير عمل على وجه الأرض فعن قيس بن كثير قال: قدم رجل من المدينة على أبي الدرداء وهو بدمشق فقال ما أقدمك يا أخي ؟ فقال : حديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : أما جئت لحاجة ؟! قال : لا . قال : أما قدمت لتجارة ؟! قال : لا . قال : ما جئت إلا في طلب هذا الحديث . قال : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، إنَّ الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر »( أخرجه الترمذي)
وفي هذا المقام ينبغي أن نوجه أبناءنا إلى احترام المعلمين وتوقيرهم وتبجيلهم وتقديرهم وان نسعى بكل ما أوتينا من قوة لكي نعيد للمعلم هيبته ومكانته واحترامه ، فهو أكثر من يستحق ذلك والأمة التي تحترم معلميها امة تصنع تاريخها وتسطره بحروف من نور، والأمة التي لا تقدر المعلم امة تحرق نفسها وتمزق تاريخها إلى الابد ..