العاشر من محرم .. يومًا صامه الأنبياء
05/01/2009
ماهى إلا أيام قليلة وتهل علينا ذكرى "عاشوراء" ، ذلك اليوم الذي تاب الله فيه على سيدنا ءادم عندما اقترف معصية الأكل من الشجرة التي نهاه الله عن الأكل منها، وهو اليوم الذي نجى الله فيه سيدنا نوحا ومن معه في السفينة، ونجى سيدنا موسى ومن معه من فرعون وجنوده، وفيه قتل سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- ظلما فمات شهيدًا.
روى الإمام مسلم عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة المنورة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك، فقالوا: هذا اليوم أظهر الله فيه موسى وبني اسرائيل على فرعون فنحن نصومه تعظيمًا له،فقال -صلى الله عليه وسلم-: نحن أولى بموسى منكم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصومه.
وعن فضل هذا اليوم يحدثنا الدكتور صفوت حجازى قائلاً : "عاشوراء" هو اليوم العاشر من شهر محرم من كل عام ،وصيامه يعد شكر لله تعالى على أن نجى موسى عليه السلام وقومه من فرعون ،عن أبي قتادة رضي الله عنه قال : سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عاشوراء ، فقال : إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله . رواه مسلم .
ولصيام هذا اليوم مراتب أكملها أن نصوم قبله يوم وبعده يوم ،ويلي ذلك صيام التاسع والعاشر فقط، ويلي ذلك صيام اليوم العاشر وحده ، ولاشك انه من المستحب ان نصوم هذا اليوم اقتداءً بسيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فهذا اليوم صامه النبي وصحابته وصامه موسى عليه السلام،وهذا اليوم له حرمة قديمة، ومن المفضل ان نصوم يوم قبله أو يوم بعده لتتحقق مخالفتنا لليهود التي أمرنا بها النبي ، فهذا ما ورد في السنة نبينا فيما يخص هذا اليوم وما عدا ذلك مما يُفعل فيه فهو يدخل فى باب البدعة خلاف هدي النبي.
فعلى المؤمن الصادق اغتنام هذا اليوم وصيامه لأنه هبه من الله تعالى نكفر بها ذنوب سنة كاملة ، سبحان الله تخيلوا صيام يوم واحد يزيل من على صدورنا سيئات عام كامل وما يدريك كم من الذنوب فعلتها فهذا هو فضل الله على عباده يعطيهم فرص جسام لمحو ذنوبهم ، فعلينا جميعاً اغتنام هذا الفضل ولنبدأ عام جديد بالطاعة والمسابقة الى الخيرات ونتذكر قوله تعالى :{ إن الحسنات يذهبن السيئات}.
ويقول فضيلة الشيخ فرحات السعيد المنجى وكيل الأزهر السابق : عندما سئل رسول
الله عن ذلك اليوم قالوا له انه اليوم الذى نجا الله فيه موسى ، فماذا قال رسولنا الكريم لليهود، قال : نحن أولى بموسى منكم، فأمرنا -صلوات الله عليه - بصومه، وذلك لأن هؤلاء اليهود كذبوا بموسى عليه السلام ولم يؤمنوا به ولم يصدقوا بشريعته بل افتروا عليه ونسبوا إليه انه قال: إن موسى عهد إلينا أن لا نؤمن بنبي بعده، فكذبوا سيدنا النبى وكذبوا عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام .
فعندما دعا موسى عليه السلام فرعون الى الإسلام لم يؤمن فرعون بالله ربًا ولا بموسى نبيًا بل تكبر وطغى وكفر ولكن الله تعالى قصم ظهور الجبابرة بالموت وغرقوا، وفي ذلك اليوم أيضًا تاب الله فيه على سيدنا ءادم عليه السلام، فقد نهاه الله عن الأكل من الشجرة فأكل منها فعصى ءادم ربه ثم تاب الى الله جل ووعلا ، قال تعالى "فتلقى ءادم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم" ،فأهبط الله ءادم وحواء إلى الأرض ولم يطردهما من رحمة الله ولا من الجنة أما إبليس اللعين هو المطرود من رحمة الله تبارك وتعالى.
وقد ورد في الحديث أن ءادم عليه السلام لما أكل من الشجرة رفع رأسه الى قوائم العرش وقال: يا رب أسألك بحق محمدٍ إلا ما غفرت لي. قال: وكيف عرفت محمدًا ولم اخلقه. قال: رفعت رأسي إلى قوائم العرش فوجدت مكتوبًا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف الى اسمك إلا أحب الخلق إليك.
إذًا فنحن نتحدث عن يوم عظيم وهو يوم العاشر من محرم ففيه تاب الله على ءادم أنجى الله موسى وأهلك الله فرعون غرقًا وفيه نجى الله سفينة نوح من الغرق، فأقل شىء يجب علين فعله هو صيام هذا اليوم شكرا لله على نعمه وفضله واقتداء بسنة نبينا الكريم
ويحدثنا الدكتور مبروك عطية أستاذ ورئيس قسم اللغويات بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر، عن يوم "عاشوراء" فيقول: بسم الله والصلاة والسلام على من لانبى بعده ،فقد ورد في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن صوم يوم عاشوراء, فقال
ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صام يوما" يتحرى فضله على الأيام إلا هذا اليوم, يعني يوم عاشوراء, وهذا الشهر, يعني رمضان).فيوم عاشوراء له فضل عظيم وحرمة قديمة وصومه لفضله كان معروفا بين الأنبياء عليهم السلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
يوم عاشوراء كانت تصومه الأنبياء فصوموه أنتم) أخرجه القرطبي في مسنده.
وعندما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة ورأى صيام أهل الكتاب له وتعظيمهم له، وكان يحب موافقته
م فيما لم يؤمر به صام عاشوراء وأمر الناس بصيامه، ففي الصحيحين عن ابن عباس, قال
قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة فوجد اليهود صُيَّاما" يوم عاشوراء, فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه, وأغرق فرعون وقومه, فصامه موسى شكرا", فنحن نصومه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فنحن أحق وأولى بموسى منكم).
وفى آخر عمره عزم رسولنا الكريم على ألا يصومه منفردا أى يصوم يوم آخر مخالفة لأهل الكتاب في صيامه، ففي صحيح مسلم, عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه, قالوا: يا رسول الله! إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى. فقال عليه الصلاة والسلام
فإذا كان العام المقبل – إن شاء الله – صمنا اليوم التاسع). قال: فلم يأتي العام المقبل حتى توفي رسول الله عليه الصلاة و السلام.
وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما, عن النبي عليه الصلاة والسلام, قال
صوموا يوم عاشوراء, وخالفوا اليهود, صوموا قبله يوما" وبعده يوما"). وفي رواية (أو بعده).
ومن عظيم فضل هذا اليوم الكريم يكفينا أن نبى الله محمد قد صامه وحث أصحابه على صومه، ففي الصحيحين عن سلم بن الأكوع رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا من أسلم: أن أذن في الناس: (من أكل فليصم بقية يومه, ومن لم يكن أكل فليصم, فإن اليوم يوم عاشوراء).
وفي هذا اليوم الكريم ايضا نجى الله سيدنا موسى وقومه ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه, وأغرق فرعون وقومه)، كما استوت سفينة سيدنا نوح عليه السلام على الجودي، ورد في مسند الإمام أحمد رحمه الله, عن أبي هريرة رضي الله عنه, عن النبي عليه الصلاة والسلام
...... وهذا يوم استوت في السفينة على الجودي, فصام نوح وموسى عليهما السلام شكرا" لله تعالى).
[b]