الرحمة.....في القرآن رحمة الله قريب

يقدم النص القرآني، عبر آيات عديدة، حفل بها القرآن الكريم، شواهد عديدة على اتساع هذه الرحمة، التي ستكون طوق النجاة للانسانية جمعاء يوم الحشر الاكبر، وكل ما يليه من انصراف الخلق الى خلود في الجنة، او ورود الى النار، فالله تعالى جعل الرحمة بأركانها كلها، وحالتها جميعا هي المفتاح النهائي الذي به تفتح ابواب الجنة، ليكون حقا انه لن يدخل الجنة الا من تغمده الله تعالى برحمته.
هكذا نجد هذا الامتداد المذهل لمعاني ومقاصد ودلالات الرحمة كما ارادها الله تعالى في القرآن، على اختلاف اشتقاقاتها، لنجد انها جميعا انما جاءت لتوصل رسالة واضحة تنير درب المؤمنين من بني آدم جميعا، بأن المخرج والفرج والمنقذ قائم هناك عندما تدلهم الخطور، ويأتي المحشر بما هو عليه من عنت لم يعرفه الانسان من قبل، حين تنكشف امام الأعين الحقيقة المطلقة، هذه الأعين التي غالبا ما يسكنها الذهول وهي ترى ما احتوته كفة الميزان، الميزان الذي عنده يتقرر مصير حياة الخلد، في اتجاهين لا ثالث لهما، عندها تأتي الرحمة بكل دلالاتها وامتداد اتساعها لتشمل من اراده الله عز وجل.
ولقد طالعنا مواقف ابانت كيف ان الرحمة حين جاورت اسماء او صفات اخرى، ازدادت اتساعا عما هي عليه بداية من اتساع، وها هي الآية 56 من سورة الاعراف، تكشف لنا جديدا جاء حين جعلها الله تعالى عند مسافة قريبة اختار ان تكون هذه الحالة، مع المحسنين، هذه الفئة التي اعتنقت الاحسان وسيلة قرب من الله عز وجل، وحين يكون معنى الاحسان ان تعبد الله تعالى كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك، حين يكون المعنى كذلك، فان المحسنين عندها هم الفئة التي اختارت هذا المنهج في العبادة فجعلتها اداء متميزا لا يقف عند حد الواجب المطلوب، بل يتعداه الى مواقف انفعال نفسي يجعلها حالة خاصة، ذروتها ان تعبد الله كأنك في حضرته ينظر اليك، عندها.. وعندها تصل الى مراتب العابد الصادق قلبا وقالبا وجوارحا.
تقدم هذه الآية كما اسلفنا مشهدا آخر، من مشاهد تداعيات الرحمة كما يقدمها النص القرآني، ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها وادعوه خوفا وطمعا ان رحمة الله قريب من المحسنين ان الجمع بين الرحمة والمحسنين هنا، عبر مفهوم المسافة قريب تؤكد بداية اتساع مدى رحمة الله تعالى به بأن جعل رحمته قريبا منهم، كل هذا تنفيذا وانفاذا لارادته تعالى، حين قرر بداية انه لا يرد دعوة صادقة من قلب مؤمن، فكان ان ترتب على مثل هذه الدعوة التي امر الله ان تأتي في اطار الخوف من جلال الله، والطمع في رحمته، ليكون من رفعها الى السماء من المحسنين الذين حظوا بأن يكون على مسافة قريب من هذه الرحمة، التي ان ظللت عند بعد حمت من ظللتهم فكيف ان كانت قريبا وكان هذا القرب لاسباب الاحسان.. وكان الاحسان منتوج عبادة صادقة مخلصة.. انظر الى العلاقة الوثيقة بين الرحمة والعبادة والاحسان.. والله اعلم..